‫مسألة الخصوصيّة و الكونيّة‬
‫۞ الخصوصية والكونية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫۞ تعني الخصوصية التفرد و التميز وهي جملة الصفات و الخصائص المادية و المعنوية التي تخص مجموعة بشرية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لتكون عنوان اختالفها و تمي ها عن بقية الخصوصيات.‬
‫ّز‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫۞‬

‫شعب علمية‬
‫ّ‬

‫األستاذ: سامي المّولي‬
‫ل‬

‫ع القيم و المبادئ كالعدالة و حقوق‬
‫۞ تعني الكونية ما هو مشترك إنساني وهو مطلب فلسفي و إنساني، يحيل على مجمو‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ُ َّ‬
‫اإلنسان و الحرية. لذلك عد الكوني الفضاء أو األفق المشترك الذي يحمل الصفات أو الخصائص المشتركة التي تُوحد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البشر غم ّع و اختالف خصوصياتهم.‬
‫ر تنو‬
‫ّ‬
‫1 ـ في داللة الخصوصية: الخصوصية بما هي هوية:‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الهويــة: ال يعنينا هذا البحث في الداللة األنطولوجية للهوية أو العودة للتحديد المنطقي األرسطي لمبدأ الهوية، فهاجس‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تفكيرنا ال ينخرط في البحث عن اإلنية، بل بالبحث عن الهوية بما هي المي ة الثابتة في المجموعة و التي تحيل على‬
‫ز‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي و بالتالي فالذي يعنينا هو الهوية التي تتضمن كل ما هو مشترك بين أف اد المجتمع مثل‬
‫ر‬
‫االنتماء الثقافي أو الحضار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القواعد و القيم.‬

‫تتحدد الهوية الثقافية من خالل االنتماء إلى ت اث ثقافي و االلت امات و الوعي بهذا االنتماء و االنخ اط. وهو ما كان شارل‬
‫ر‬
‫ز‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تايلور قد بينه من خالل القول أن الهوية تتحدد من خالل جملة االلت امات كااللت ام الروحي األخالقي أو االنتماء إلى أمة‬
‫ز‬
‫ز‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أو إلى ت اث، وهو ما يحول السؤال "من أنا ؟" إلى السؤال "من نحن ؟ " لننخرط في مساءلة أنتروبولوجية ترتكز على‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ُ ّ‬
‫البحث عما هو مشترك داخل مجتمع واحد. فالسؤال "من أنا ؟" بما هو ليس السؤال عن هوية مدنية أو شخصية بل هو‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫السؤال عن األنا في المجموعة و عن قدرتها على ترجمة انتمائها و الت اماتها، و الذي ال يكون إ ّ إذا ما وعت الذات‬
‫ال‬
‫ز‬
‫بالموقع الذي تحتّه و الذي يمكنِها من القد ة على إصدار األحكام و تبني موقف وفق محددات الهوية التي ينتمي إليها.‬
‫ر‬
‫ل‬
‫ُ ّ‬
‫ّ‬
‫ُ ّ‬
‫ّ‬
‫يقول تايلور: "أن أعرف من أكون يعني أن أعرف الموقع الذي أحتل " هذا الموقع هو ما يمكن اإلنسان من تحديد عالقاته‬
‫َُ ّ‬
‫ّ‬

‫و تقييم سلوكاته و تقرير المصالح و المباح ..الحالل و الح ام. و أن تفقد الذات القد ة على التموقع فإن ذلك يعني عدم‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ي. وهو ما عبر عنه تايلور بأزمة الهوية وهي " تجربة‬
‫إمكانها الحكم و بالتالي فقدانها ليقينها األخالقي و الروحي و الحضار‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫مؤلمة و عبة "فأزمة الهوية هي حالة من الضياع وعدم معرفة الذات لذاتها و غياب موقف واضح من األحداث و‬
‫مر‬
‫ّ‬
‫المواقف بل و من العالم.‬
‫2 ـ في مخاطر النظ ة اآلحادية الخصوصية:‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تقوم النظ ة األحادية للخصوصية على تصور يقول بـ" المركزية الثقافية "وهو تصور يقول بالتفاضل بين الحضا ات و‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ى، وهو تصور يغالي في اعتبار‬
‫ها مركز و نموذجا و معيار للحكم عن مدى تحضر الشعوب األخر‬
‫ا‬
‫ا‬
‫بتفوق ثقافة ما و اعتبار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الخصوصية التي ينتمي إليها صاحب التصور "مثال أعلى" لذلك هي تُحيل عة عنصرية.‬
‫لنز‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تماما فإن النظ ة األحادية للخصوصية تقوم على التعصب الذي يؤدي إلى رفض المختلف و احتقار هويته و مقوماتها.‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ها مصدر اليقين و الرقي و التقدم. فالتعصب يحيل على الوثوقية‬
‫فالتعصب هو انغالق على مقومات الخصوصية و اعتبار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ُ‬
‫ّ‬
‫‪ dogmatisme‬وهو مفهوم مشتق من ‪ dogme‬أي المعتقد وهو الفك ة أو ال أي الذي ال يقبل فيه صاحبه الم اجعة أو إعادة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫النظر. و يقوم التعصب على التسّط و انعدام التسامح و رفض االختالف مما ي ّع للعنف و لعل ما يذك ه فولتيير عن‬
‫ر‬
‫ّ ُشر‬
‫ل‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫ليلة القديس بارتيليمي خير دليل عن التعصب الذي ّع لقتل الباريسيين لمواطنيهم لمجرد اختالفهم عن مذهبهم الديني.‬
‫يشر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فاالنغالق على الخصوصية هو تشريع للعنف وتهديد للكوني اإلنساني مثل التعصب الديني أو التعصب العرقي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫ى أو اعتبار اليهود أنهم شعب هللا المحتار) ويمكن التمييز بين‬
‫ي أرقى من األجناس األخر‬
‫(اعتبار هتلر الجنس اآلر‬
‫ّ‬
‫التعصب الديني والتعصب العرقي والتعصب الثقافي، ولكن يبقى التعصب منبع كل أشكال العنف والن اعات العنصرية‬
‫ز‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والميل لرفض اآلخر ورفض الحوار واالنغالق والتقوقع ورفض االختالف والتشريع للهيمنة على اآلخرين.‬
‫3 ـ في عالقة الخصوصية بالكونية:‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن ح مسألة عالقة الخصوصية بالكونية يمكن تناولها من اويتين مختلفتين تتحدد األولى في القول بالخصوصية التي ال‬
‫ز‬
‫ّ طر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ُ‬
‫تتعارض مع تأسيس كوني إنساني وهي أطروحة تفترض التسليم بالتسامح بين الخصوصيات و القول" بحكمة العيش معا "‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كما بين ذلك كانط وفي التشريع لحق الضيافة أو لما كان كلود لفي ستروس قد أسس له في " تقريظه لالختالف "و ّع‬
‫التنو‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي حيث اعتبر االختالف ظاه ة مالزمة للبشرية بل هي تعبر عن اإلبداع و عن التكامل" هذه الفروقات ولودة‬
‫ر‬
‫الحضار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مبدعة في الحقيقة" تماما فإن االختالف ال ينفي وجود قواسم مشتركة بين الناس شأن العقل الذي يمتلك نفس الطاقات غم‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫اختالف الخصوصيات وهو نفس الموقف الذي قد بينه مالب انش قد بينه من خالل مفهوم العقل الكوني و ذلك العتبار وحدة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحقائق العقلية واألخالقية مثل حاصل اثنين ضارب اثنين يساوي أربعة أو أن نفضل الصديق عن الكلب... تقريظ‬
‫ُ ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫االختالف هو في ذات الوقت نبذ للنظ ة األحادية للخصوصية و للتعصب و الدعاء امتالك مقومات ثقافية و حضارية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أرقى و أفضل من بقية الهويات و بالتالي ال مجال العتبار الحضا ات المغاي ة همجية و متوحشة. فالثقافات ال تعمل على‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫تحقيق التماثل بل كل نموذج يعمل على كشف خصائصه. تماما فإن كلود لفي ستروس يؤكد على ضرو ة قبول االنفتاح‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ى دون التفريط في مقومات الهوية بل و بضرو ة اعتبار كل واحدة أنها تتميز بقدر من التفوق وهو‬
‫ر‬
‫على الحضا ات األخر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫ما يمنحها القد ة تحقيق قدر أوفر من اإلبداع و من تحقيق التميز عن بقية الحضا ات. يقول كلود ليفي سروس: "ال بد‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫للثقافة و أبنائها من التمسك بيقين أصالتهم و بتفوقهم على اآلخرين." فتحقيق الكوني اإلنساني يفترض قدر من التسامح‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كما بين ذلك تودوروف و اعت افا بالمغاي ة الحضارية و الثقافية و تأصيل الحوار و التواصل مما يؤسس عة إنسانية‬
‫ّ لنز‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كونية تُرسخ تعايشا سلميا بين الناس و الخصوصيات وفق تصور كوسموبوليتيكي يجعل العقل هو الذي يحكم اإلنسانية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهو ذات الموقف الذي كان فولتير قد بينه حين قدم الفلسفة كبديل عن التعصب.‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تماما فإن مو ان قد أكد على ضرو ة المحافظة على ّع بما أن تالقح األفكار و القيم يؤسس للكوني اإلنساني المنشود‬
‫التنو‬
‫ر‬
‫ّ ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫غم واقع تع ّل لقاء اإلنسان باإلنسان اليوم، فالحوار و االنفتاح بين الهويات هو السبيل لإلبداع الذي يضمن حركية‬
‫ط‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقافات و يبقيها حية على حد عبا ة مو ان‬
‫ّ ر ر‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫4 ـ في مخاطر ادعاء الكوني الكونية:‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫في حين تتحدد الثانية كخصوصية مهددة لتأسيس كوني، سواء كانت في النظ ة اآلحادية للخصوصية القائمة على التعصب‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫و المفاضلة بين الهويات أو في ادعاء امتالك مقومات الكوني اإلنساني أو في اكتساح العولمة لمجاالت الكوني اإلنساني.‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫وهو ما يجعل الكوني يتحول إلى كوني هيمني وهو ما نلمس صداه في تحذير بودريار من خطو ة الخلط بين الكوني‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫اإلنساني و العالمي أو العولمي و العولمة و بالتالي بيان خطو ة العولمة التي ال تهدد الخصوصيات فقط بل إنها تهدد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫الكوني: "إن الكوني يهلك بالعولمي" فبودريار ينبه للتصاعد المطرد للعولمة مقابل ت اجع الكوني، فإذا كانت العولمة تحيل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫على ما يتّصل باالقتصادي و بكل ما هو ثو ة تكنولوجية و اتّصالية و تكرس ال جنسية أس المال و انفتاح األسواق أمام‬
‫ّ ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كل البضائع... و إذا تعّق الكوني بالقيم اإلنسانية كالحرية و الديمق اطية و حقوق اإلنسان، و ما كانت فلسفات‬
‫ر‬
‫ل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األنوار تن ّر له.. فإن الفروق واضحة بل هي فروق مدم ة للقيمي اإلنساني و تؤسس لقيم بديلة تقوم على الب اغماتية و‬
‫ر‬
‫ّ ر‬
‫ظ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫النجاعة و الفاعلية وهو ما يؤدي إلى موت القيم و تدمير التنويعات الثقافية عالوة على كون هذا الموت قد يكون ناتجا عن‬
‫ّ‬
‫ها في ثقافتها وهو ما يحيلنا ثانية على المركزية‬
‫ى و العمل على إدماجها و صهر‬
‫اكتساح الحضا ة الغربية للحضا ات األخر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫الثقافية وهو موت طبيعي يتجسد في السعي لتحقيق التماثل يبن الثقافات و اندثار الخصوصيات: عالوة عن موت ثان وهو‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫ها و تمي ها.‬
‫ّز‬
‫موت عنيف يتجسد في موت الثقافة الغربية التي تعتقد في فائض هوية تُعممها على الغير فتقضي على حضور‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫فالكونية كما بين ذلك كلود لفي ستروس ال تنتقض الخصوصيات أو ّع في حين أن العولمة تُدمر و تقضي على‬
‫التنو‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الخصوصيات كما بين ذلك بودريار.‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لعل الفرق بين الكونية و العولمة يكمن في كون األولى هي ما يجمع الكث ة أو هي تعميم للقيم في حين تُعمم العولمة قيم‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تُدمر قيم الكوني بل هي تقوم بترويج قيم بديلة هي في الحقيقة تزييف للقيم الحقيقية و إلتيقا الوجود و لعل ما نلمسه اهنا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫في الع اق أو أفغانستان ما يبين كيف تحولت الحرية إلى استعمار و هيمنة و استبداد و تحولت حقوق اإلنسان إلى انتهاك‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ُّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لإلنسان ذاته أو في تحول الديمق اطية إلى وصفات غربية تكرس حاالت االغت اب و االستبداد.‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عالوة على ما كان هنجتون قد كشف عنه في مماهاته و مماثلته بين الحضا ة العالمية و الحضا ة األروبية.. و ما كان قد‬
‫ر‬
‫ر‬

‫ى وهو شعار مموه يماثل‬
‫أرجعه لما يسميه لعب جل األبيض الذي تجّى في الت امه بنشر قيم الحداثة على الشعوب األخر‬
‫ز‬
‫ل‬
‫الر‬
‫ُ ِّ‬
‫ُ ّ‬
‫الزيف الذي تقوم عليه العولمة، فما يقدمه جل األبيض هو ترويج لهوية تحمل فائضا أو هي تعتقد في احتوائها للكوني‬
‫ُ ّ الر‬
‫ّ‬
‫هم للغرب بل هم "عبيد جل األبيض"‬
‫الر‬
‫اإلنساني لذلك اعتبر البعض المتعصبين للحضا ة العالمية مجرد مهاجرين بأفكار‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لكن هذه العبودية تجسدت في تعصب ألفكار اآلخر و لخصوصيته وهو ما يكشف عن أزمة هوية‬
‫ّ‬
‫ّ‬

فلسفة الكونية و الخصوصية

  • 1.
    ‫مسألة الخصوصيّة والكونيّة‬ ‫۞ الخصوصية والكونية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫۞ تعني الخصوصية التفرد و التميز وهي جملة الصفات و الخصائص المادية و المعنوية التي تخص مجموعة بشرية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتكون عنوان اختالفها و تمي ها عن بقية الخصوصيات.‬ ‫ّز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫۞‬ ‫شعب علمية‬ ‫ّ‬ ‫األستاذ: سامي المّولي‬ ‫ل‬ ‫ع القيم و المبادئ كالعدالة و حقوق‬ ‫۞ تعني الكونية ما هو مشترك إنساني وهو مطلب فلسفي و إنساني، يحيل على مجمو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫اإلنسان و الحرية. لذلك عد الكوني الفضاء أو األفق المشترك الذي يحمل الصفات أو الخصائص المشتركة التي تُوحد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البشر غم ّع و اختالف خصوصياتهم.‬ ‫ر تنو‬ ‫ّ‬ ‫1 ـ في داللة الخصوصية: الخصوصية بما هي هوية:‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهويــة: ال يعنينا هذا البحث في الداللة األنطولوجية للهوية أو العودة للتحديد المنطقي األرسطي لمبدأ الهوية، فهاجس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفكيرنا ال ينخرط في البحث عن اإلنية، بل بالبحث عن الهوية بما هي المي ة الثابتة في المجموعة و التي تحيل على‬ ‫ز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي و بالتالي فالذي يعنينا هو الهوية التي تتضمن كل ما هو مشترك بين أف اد المجتمع مثل‬ ‫ر‬ ‫االنتماء الثقافي أو الحضار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القواعد و القيم.‬ ‫تتحدد الهوية الثقافية من خالل االنتماء إلى ت اث ثقافي و االلت امات و الوعي بهذا االنتماء و االنخ اط. وهو ما كان شارل‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تايلور قد بينه من خالل القول أن الهوية تتحدد من خالل جملة االلت امات كااللت ام الروحي األخالقي أو االنتماء إلى أمة‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو إلى ت اث، وهو ما يحول السؤال "من أنا ؟" إلى السؤال "من نحن ؟ " لننخرط في مساءلة أنتروبولوجية ترتكز على‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫البحث عما هو مشترك داخل مجتمع واحد. فالسؤال "من أنا ؟" بما هو ليس السؤال عن هوية مدنية أو شخصية بل هو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السؤال عن األنا في المجموعة و عن قدرتها على ترجمة انتمائها و الت اماتها، و الذي ال يكون إ ّ إذا ما وعت الذات‬ ‫ال‬ ‫ز‬ ‫بالموقع الذي تحتّه و الذي يمكنِها من القد ة على إصدار األحكام و تبني موقف وفق محددات الهوية التي ينتمي إليها.‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقول تايلور: "أن أعرف من أكون يعني أن أعرف الموقع الذي أحتل " هذا الموقع هو ما يمكن اإلنسان من تحديد عالقاته‬ ‫َُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫و تقييم سلوكاته و تقرير المصالح و المباح ..الحالل و الح ام. و أن تفقد الذات القد ة على التموقع فإن ذلك يعني عدم‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ي. وهو ما عبر عنه تايلور بأزمة الهوية وهي " تجربة‬ ‫إمكانها الحكم و بالتالي فقدانها ليقينها األخالقي و الروحي و الحضار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤلمة و عبة "فأزمة الهوية هي حالة من الضياع وعدم معرفة الذات لذاتها و غياب موقف واضح من األحداث و‬ ‫مر‬ ‫ّ‬ ‫المواقف بل و من العالم.‬ ‫2 ـ في مخاطر النظ ة اآلحادية الخصوصية:‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقوم النظ ة األحادية للخصوصية على تصور يقول بـ" المركزية الثقافية "وهو تصور يقول بالتفاضل بين الحضا ات و‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ى، وهو تصور يغالي في اعتبار‬ ‫ها مركز و نموذجا و معيار للحكم عن مدى تحضر الشعوب األخر‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بتفوق ثقافة ما و اعتبار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخصوصية التي ينتمي إليها صاحب التصور "مثال أعلى" لذلك هي تُحيل عة عنصرية.‬ ‫لنز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تماما فإن النظ ة األحادية للخصوصية تقوم على التعصب الذي يؤدي إلى رفض المختلف و احتقار هويته و مقوماتها.‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ها مصدر اليقين و الرقي و التقدم. فالتعصب يحيل على الوثوقية‬ ‫فالتعصب هو انغالق على مقومات الخصوصية و اعتبار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ dogmatisme‬وهو مفهوم مشتق من ‪ dogme‬أي المعتقد وهو الفك ة أو ال أي الذي ال يقبل فيه صاحبه الم اجعة أو إعادة‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫النظر. و يقوم التعصب على التسّط و انعدام التسامح و رفض االختالف مما ي ّع للعنف و لعل ما يذك ه فولتيير عن‬ ‫ر‬ ‫ّ ُشر‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليلة القديس بارتيليمي خير دليل عن التعصب الذي ّع لقتل الباريسيين لمواطنيهم لمجرد اختالفهم عن مذهبهم الديني.‬ ‫يشر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فاالنغالق على الخصوصية هو تشريع للعنف وتهديد للكوني اإلنساني مثل التعصب الديني أو التعصب العرقي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ى أو اعتبار اليهود أنهم شعب هللا المحتار) ويمكن التمييز بين‬ ‫ي أرقى من األجناس األخر‬ ‫(اعتبار هتلر الجنس اآلر‬ ‫ّ‬
  • 2.
    ‫التعصب الديني والتعصبالعرقي والتعصب الثقافي، ولكن يبقى التعصب منبع كل أشكال العنف والن اعات العنصرية‬ ‫ز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والميل لرفض اآلخر ورفض الحوار واالنغالق والتقوقع ورفض االختالف والتشريع للهيمنة على اآلخرين.‬ ‫3 ـ في عالقة الخصوصية بالكونية:‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ح مسألة عالقة الخصوصية بالكونية يمكن تناولها من اويتين مختلفتين تتحدد األولى في القول بالخصوصية التي ال‬ ‫ز‬ ‫ّ طر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫تتعارض مع تأسيس كوني إنساني وهي أطروحة تفترض التسليم بالتسامح بين الخصوصيات و القول" بحكمة العيش معا "‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما بين ذلك كانط وفي التشريع لحق الضيافة أو لما كان كلود لفي ستروس قد أسس له في " تقريظه لالختالف "و ّع‬ ‫التنو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي حيث اعتبر االختالف ظاه ة مالزمة للبشرية بل هي تعبر عن اإلبداع و عن التكامل" هذه الفروقات ولودة‬ ‫ر‬ ‫الحضار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبدعة في الحقيقة" تماما فإن االختالف ال ينفي وجود قواسم مشتركة بين الناس شأن العقل الذي يمتلك نفس الطاقات غم‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫اختالف الخصوصيات وهو نفس الموقف الذي قد بينه مالب انش قد بينه من خالل مفهوم العقل الكوني و ذلك العتبار وحدة‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحقائق العقلية واألخالقية مثل حاصل اثنين ضارب اثنين يساوي أربعة أو أن نفضل الصديق عن الكلب... تقريظ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫االختالف هو في ذات الوقت نبذ للنظ ة األحادية للخصوصية و للتعصب و الدعاء امتالك مقومات ثقافية و حضارية‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أرقى و أفضل من بقية الهويات و بالتالي ال مجال العتبار الحضا ات المغاي ة همجية و متوحشة. فالثقافات ال تعمل على‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحقيق التماثل بل كل نموذج يعمل على كشف خصائصه. تماما فإن كلود لفي ستروس يؤكد على ضرو ة قبول االنفتاح‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ى دون التفريط في مقومات الهوية بل و بضرو ة اعتبار كل واحدة أنها تتميز بقدر من التفوق وهو‬ ‫ر‬ ‫على الحضا ات األخر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما يمنحها القد ة تحقيق قدر أوفر من اإلبداع و من تحقيق التميز عن بقية الحضا ات. يقول كلود ليفي سروس: "ال بد‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للثقافة و أبنائها من التمسك بيقين أصالتهم و بتفوقهم على اآلخرين." فتحقيق الكوني اإلنساني يفترض قدر من التسامح‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما بين ذلك تودوروف و اعت افا بالمغاي ة الحضارية و الثقافية و تأصيل الحوار و التواصل مما يؤسس عة إنسانية‬ ‫ّ لنز‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كونية تُرسخ تعايشا سلميا بين الناس و الخصوصيات وفق تصور كوسموبوليتيكي يجعل العقل هو الذي يحكم اإلنسانية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو ذات الموقف الذي كان فولتير قد بينه حين قدم الفلسفة كبديل عن التعصب.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تماما فإن مو ان قد أكد على ضرو ة المحافظة على ّع بما أن تالقح األفكار و القيم يؤسس للكوني اإلنساني المنشود‬ ‫التنو‬ ‫ر‬ ‫ّ ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫غم واقع تع ّل لقاء اإلنسان باإلنسان اليوم، فالحوار و االنفتاح بين الهويات هو السبيل لإلبداع الذي يضمن حركية‬ ‫ط‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثقافات و يبقيها حية على حد عبا ة مو ان‬ ‫ّ ر ر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫4 ـ في مخاطر ادعاء الكوني الكونية:‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في حين تتحدد الثانية كخصوصية مهددة لتأسيس كوني، سواء كانت في النظ ة اآلحادية للخصوصية القائمة على التعصب‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و المفاضلة بين الهويات أو في ادعاء امتالك مقومات الكوني اإلنساني أو في اكتساح العولمة لمجاالت الكوني اإلنساني.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو ما يجعل الكوني يتحول إلى كوني هيمني وهو ما نلمس صداه في تحذير بودريار من خطو ة الخلط بين الكوني‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلنساني و العالمي أو العولمي و العولمة و بالتالي بيان خطو ة العولمة التي ال تهدد الخصوصيات فقط بل إنها تهدد‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكوني: "إن الكوني يهلك بالعولمي" فبودريار ينبه للتصاعد المطرد للعولمة مقابل ت اجع الكوني، فإذا كانت العولمة تحيل‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على ما يتّصل باالقتصادي و بكل ما هو ثو ة تكنولوجية و اتّصالية و تكرس ال جنسية أس المال و انفتاح األسواق أمام‬ ‫ّ ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل البضائع... و إذا تعّق الكوني بالقيم اإلنسانية كالحرية و الديمق اطية و حقوق اإلنسان، و ما كانت فلسفات‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األنوار تن ّر له.. فإن الفروق واضحة بل هي فروق مدم ة للقيمي اإلنساني و تؤسس لقيم بديلة تقوم على الب اغماتية و‬ ‫ر‬ ‫ّ ر‬ ‫ظ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النجاعة و الفاعلية وهو ما يؤدي إلى موت القيم و تدمير التنويعات الثقافية عالوة على كون هذا الموت قد يكون ناتجا عن‬ ‫ّ‬ ‫ها في ثقافتها وهو ما يحيلنا ثانية على المركزية‬ ‫ى و العمل على إدماجها و صهر‬ ‫اكتساح الحضا ة الغربية للحضا ات األخر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الثقافية وهو موت طبيعي يتجسد في السعي لتحقيق التماثل يبن الثقافات و اندثار الخصوصيات: عالوة عن موت ثان وهو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ها و تمي ها.‬ ‫ّز‬ ‫موت عنيف يتجسد في موت الثقافة الغربية التي تعتقد في فائض هوية تُعممها على الغير فتقضي على حضور‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
  • 3.
    ‫فالكونية كما بينذلك كلود لفي ستروس ال تنتقض الخصوصيات أو ّع في حين أن العولمة تُدمر و تقضي على‬ ‫التنو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخصوصيات كما بين ذلك بودريار.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لعل الفرق بين الكونية و العولمة يكمن في كون األولى هي ما يجمع الكث ة أو هي تعميم للقيم في حين تُعمم العولمة قيم‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تُدمر قيم الكوني بل هي تقوم بترويج قيم بديلة هي في الحقيقة تزييف للقيم الحقيقية و إلتيقا الوجود و لعل ما نلمسه اهنا‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في الع اق أو أفغانستان ما يبين كيف تحولت الحرية إلى استعمار و هيمنة و استبداد و تحولت حقوق اإلنسان إلى انتهاك‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لإلنسان ذاته أو في تحول الديمق اطية إلى وصفات غربية تكرس حاالت االغت اب و االستبداد.‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عالوة على ما كان هنجتون قد كشف عنه في مماهاته و مماثلته بين الحضا ة العالمية و الحضا ة األروبية.. و ما كان قد‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ى وهو شعار مموه يماثل‬ ‫أرجعه لما يسميه لعب جل األبيض الذي تجّى في الت امه بنشر قيم الحداثة على الشعوب األخر‬ ‫ز‬ ‫ل‬ ‫الر‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫الزيف الذي تقوم عليه العولمة، فما يقدمه جل األبيض هو ترويج لهوية تحمل فائضا أو هي تعتقد في احتوائها للكوني‬ ‫ُ ّ الر‬ ‫ّ‬ ‫هم للغرب بل هم "عبيد جل األبيض"‬ ‫الر‬ ‫اإلنساني لذلك اعتبر البعض المتعصبين للحضا ة العالمية مجرد مهاجرين بأفكار‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن هذه العبودية تجسدت في تعصب ألفكار اآلخر و لخصوصيته وهو ما يكشف عن أزمة هوية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬