ظلا رجل وامرأة
إن الشباب المتفائلين بالمستقبل هم أكثر قدرة على متابعة الحياة التي يريدونها لأنفسهم ولأسرهم.
Photo:© UNFPA Asia and the Pacific
 

فلنقف إلى جانب الشباب ولنَبْنِ مستقبلاً يستطيع فيه كل شخص أن يقرر مصيره في عالم عادل يعمّه السلام والأمل.

 

تمكين الشباب من تكوين أسرهم بالشكل الذي يريدونه

تشهد معدلات الخصوبة في العالم تراجعًا متسارعًا، الأمر الذي أثار تحذيرات بشأن احتمال "انهيار سكاني". غير أن تقرير حالة سكان العالم الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان يسلط الضوء على جوهر المشكلة الحقيقي: غياب القدرة الإنجابية الفعلية، ولا سيما في أوساط الشباب، حيث يعجز كثيرون عن إنجاب العدد الذي يرغبون فيه من الأبناء.

ويُكرَّس اليوم العالمي للسكان لعام 2025 لإبراز هذا التحدي، مسلطًا الضوء على الجيل الأكبر عددًا من الشباب في التاريخ. ويحمل شعار هذا العام عنوانًا دالًا: "تمكين الشباب من بناء الأُسر التي ينشدونها في عالم يسوده العدل والأمل"، في دعوة واضحة إلى إتاحة الحقوق والوسائل والفرص التي تتيح لهم رسم ملامح مستقبلهم.

فالشباب في طليعة صانعي التغيير، غير أنهم يواجهون عوائق جسيمة، منها انعدام الأمن الاقتصادي، وعدم المساواة بين الجنسين، ونقص الرعاية الصحية والتعليم، فضلًا عن اضطراب المناخ والنزاعات. وقد كشف استطلاع مشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان ومؤسسة "يوق‍ڤ"، شمل أكثر من 14 ألف شخص في 14 بلدًا، أن غالبية المشاركين يرغبون في إنجاب مزيد من الأطفال، لكنهم يصطدمون بعقبات اجتماعية واقتصادية وصحية.

ولكي يتسنى التفاعل بفعالية مع الاتجاهات السكانية العالمية، لا بد للقادة من الإنصات إلى احتياجات الشباب وأصواتهم ومنحها الأولوية. فالشباب لا يحتاجون إلى الخدمات فحسب، بل إلى الأمل والاستقرار ومستقبل يستحق أن يُخطط له. وكما قالت إحدى الناشطات الشباب لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "الشباب لا يفكرون في أطفالهم المقبلين فحسب، بل في العالم الذي سيرثه هؤلاء الأطفال". فصون حقوقهم شرط لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة وإرساء السلام وصيانة كرامة الإنسان.

لوحة معلومات السكان في العالم

تعرض لوحة معلومات السكان في العالم بيانات شاملة عن سكان الكوكب، منها معدلات الخصوبة، والتوازن بين الجنسين في الالتحاق بالمدارس، ومعلومات عن الصحة الجنسية والإنجابية وغيرها كثير. وتُبرز هذه البيانات بمجموعها واقع صحة وحقوق البشر في مختلف أنحاء العالم، لا سيما النساء والشباب.

اتجاهات السكان في العالم

استغرق الأمر مئات الآلاف من السنين حتى بلغ عدد سكان العالم مليار نسمة، لكنه تضاعف سبع مرات في غضون مئتي عام تقريبًا. ففي عام 2011، وصل عدد السكان إلى 7 مليارات، وبلغ نحو 7.9 مليارات في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 8.5 مليارات في عام 2030، و9.7 مليارات في عام 2050، و10.9 مليارات في عام 2100.

وقد أسهمت زيادة أعداد من يبلغون سنّ القدرة الإنجابية في هذا النمو الهائل، ترافق ذلك مع تحولات جذرية في معدلات الخصوبة، وتوسع الحضَر، وتسارع وتيرة الهجرة، وهي اتجاهات ستكون لها تبعات بعيدة الأثر على الأجيال المقبلة.

وشهدت العقود الأخيرة تحولات كبرى في معدلات الخصوبة ومتوسط العمر المتوقع. ففي أوائل السبعينيات، كانت المرأة تُنجب في المتوسط 4.5 أطفال، أما في عام 2015 فقد انخفض هذا المعدل إلى أقل من 2.5 طفل لكل امرأة. وفي الوقت نفسه، ارتفع متوسط العمر العالمي من 64.6 عامًا في أوائل تسعينيات القرن الماضي إلى 72.6 عامًا في عام 2019.

إلى ذلك، يشهد العالم مستويات مرتفعة من التحضر وتسارعًا في حركة الهجرة. ففي عام 2007، وللمرة الأولى، تجاوز عدد من يعيشون في المناطق الحضرية عدد سكان الريف، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة سكان المدن نحو 66 في المائة بحلول عام 2050.

وهذه الاتجاهات العالمية الكبرى تنطوي على آثار بعيدة المدى تطال التنمية الاقتصادية، وفرص العمل، وتوزيع الدخل، ومعدلات الفقر، ونظم الحماية الاجتماعية، فضلاً عن جهود إتاحة الخدمات الأساسية للجميع كالرعاية الصحية، والتعليم، والسكن، والصرف الصحي، والمياه، والغذاء، والطاقة. ومن أجل تلبية احتياجات الأفراد على نحو أكثر استدامة، لا بد لصناع السياسات من فهم أعداد البشر على الكوكب، وتوزيعهم الجغرافي، وأعمارهم، وعدد الأجيال المقبلة منهم.

كان العامل في النمو الكبير لعدد سكان العالم هو زيادة عدد الأفراد الذين يبلغون سن الإنجاب، وصاحب ذلك تغيرات كبيرة في معدلات الخصوبة، وزيادة التحضر وتسارع الهجرة. ولهذه الاتجاهات آثار بعيدة المدى على الأجيال المقبلة. وقد شاركت منظومة الأمم المتحدة —ولا سيما من خلال عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان وشعبة السكان التابعة للأمم المتحدة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية— في معالجة هذه القضايا المعقدة والمترابطة.

Close-up of two hands reaching toward each other

في عام 2025، تتصدر معدلات الخصوبة المتراجعة العناوين الإخبارية في أنحاء العالم، حتى إن بعض الحكومات تحذر من "انهيار سكاني" وتنفذ سياسات صارمة لتشجيع الولادات. غير أن ملايين الأشخاص، في الوقت ذاته، ما زالوا عاجزين عن إنجاب عدد الأطفال الذين يرغبون في إنجابهم فعلاً. وبحسب أحدث تقرير عن حالة سكان العالم الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن الأزمة الحقيقية لا تتمثل في أعداد السكان، بل في فقدان الناس القدرة على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. إنها أزمة حرية إنجابية.

illustration of people with clock, calendar, to-do list and decorations

تٌعد المناسبات الدولية والعالمية فرصًا مواتية لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الاهتمام، ولحشد الإرادة السياسية والموارد اللازمة لمعالجة المشكلات العالمية، وللاحتفال بإنجازات الإنسانية ولتعزيزها. واحتُفل ببعض هذه المناسبات الدولية قبل إنشاء منظمة الأمم المتحدة، إلا أن الأمم المتحدة احتضنت تلك المناسبات واعتمدت مزيدا منها بوصفها جميعا أدوات قوية للدعوة.